اليهودي يهودي قبل كل شيء، مهما تكن جنسيته ومهما يعتنق من عقائد ومبادئ في الظاهر ليخدم باعتناقها نفسه وأمته، فهو يتجنس بالجنسية الانجليزية أو الأمريكية أو الفرنسية ويؤيد جنسيته طالما كان ذلك في مصلحة اليهودية، فإذا تعارضت المصلحتان لم يكن الا يهودياً، فعضد يهوديته وضحى بجنسيته الأخرى.
واليهودي يسلم أو ينتصر نفاقاً ليفسد الإسلام والمسيحية، أو يوجه تعاليم هذا الدين الجديد وتقاليده وجهة تعود بالخير على اليهود، أو تبث روح المودة لهم والعطف عليهم،وحيثما ظهر مبدأ أو دين أو مذهب علمي أو فلسفي، هب اليهود ليكونوا من ورائه،ويتصرفوا معه بما ينفعهم، وحيث ظهر اضطاد لهم ظهرت الدعوة إلى الحرية والاخاء والمساواة. وتاريخهم مع الإسلام هو تاريخهم مع كل دين ومذهب: حاربوه في البدء ظاهراً أعنف حرب، حتى إذا فشلوا ارتدوا يسالمونه سلاماً كان شراً عليه من حربه الظاهرة. وأسلم منهم في عهد الخلفاء الراشدين وبعده كثير.
فكعب الاخبار مثلاً يفسر القرآن ويروي الاخبار ويملأ ذلك كله بما يسمى عندنا "الاسرائيليات"،ثم يسير كثير من اليهود بعده سيرته. حتى أن تخليص الكتب الإسلامية الجليلة من الاسرائيليات لتنوء به كواهل عشرات الجماعات من أولى العزم. ثم أنه من جهة أخرى يشترك في المؤامرة بقتل عمر ويخبره بذلك مكراً قبل حدوثه بثلاثة أيام ويقرر له أنه رأى ذلك في التوراة، فإذا دهش عمر من ذكر اسمه فيها تخلص كعب بأن ما جاء فيها هو وصفه لا اسمه. وهو مع ذلك يوصيه بأن يستخلف غيره قبل موته ثم يقتل عمر بعد ذلك بثلاثة أيام كما حدد كعب..
وهناك غشه لعثمان بعد ذلك ثم غشه لغيره من كبار المسلمين مما يطول شرحه.
وينشط عبد الله بن سبأ نشاطاً من نوع آخر. فهو يثير غضبة المسلمين على خليفتهم عثمان لما أحدث من بدء: فإذا طرد من احدى الامصار ذهب إلى غيرها ونشط هذا النشاط المرعب. وهو في تنقلاته بين العراق ومصر والشام يؤسس "الخلايا السرية" التي تنقم على عثمان وتثير النقمة عليه، وهو يستميل إليه بعض أفاضل الصحابة من الجانب الضعيف المكشوف فيهم ليثوروا معه. وهو يغري الرعاع بالأعلياء، ويفسد ثقة الجميع بعضهم ببعض، حتى ينتهي الأمر بقتل عثمان وانقسام المسلمين أحزاباً ويثير الاحزاب المختصمة بعضها على بعض، ويغريها بالقتال. وينشب السبئية الرعاع الحرب بين جيش علي واصحاب الجمل قبل أن يأمر به القواد. وهو من ناحية أخرى ينشط لنشر المبادئ الهدامة للإسلام، فيدعوا إلى الايمان برجعة النبي بعد موته، واذا قتل الامام علي أعلن أنه ينكر قتله ولو أتوه برأسه ميتاً سبعين مرة.
وهكذا انخدع المسلمون فحشدوا في كتبهم وعقولهم خرافات التوراة.
وهكذا فعل اليود مع المسيحيين وغيرهم من ذوي النحل والمذاهب. فهم قد اندسوا من وراء الإسلام والمسيحية حتى صار كثير من المسلمين والمسيحيين يعترفون لهم بقداسة كتبهم، ويلقونها هي وابطالها بالولاء. وقد افلحت الدعاية اليهودية في طبع كثير من العقائد والنحل بما يحقق مصلحتهم، فنرى روح الولاء والتهليل لبني إسرائيل ومقدساتهم يهيمن على بعض المقدسات المسيحية والإسلامية. ولذلك يتحرج كثير من المسلمين والمسيحيين عن مقابلة أعمال الإسرائيليين بما تستحقه من النظر الصحيح والجزاء الرادع، اعتقاداً منهم بأن هذه هي ارادة الله.
ولما كان تفصيل ذلك وتأييده بالواقع مما لا يحتمله الا كتاب ضخم فاننا نقفز قفزة واسعة إلى العصر الحديث فنرى أن اليهود من وراء كل مذهب وفلسفة ونظرية وكل نشاط انساني: ينشرون مبادئ الإخاء والحرية والمساواة إذا أحسوا الاضطهاد. وما ظهر مذهب فكان مؤدياً إلى مسهم بالأذى من قريب أو بعيد الا قتلوه، أو حوروه بما يفسده هو وينفعهم هم. وكل ما كان مؤدياً إلى خير لهم مباشرة روجوه في كل أنحاء العالم ورفعوا صاحبه بين أساتذة الثقافة العالميين ولو كان حقيراً، وكذلك يروجون لكل قلم ما دامت آثاره عن قصد أو غير قصد تساعد على افساد الناس ورفع شأن اليهود كما فعلوا مع نيتشه الذي تهجم على المسيحية وأخلاقهم. ويقسم الاخلاق قسمين: أخلاق سادة كالعنف والاستخفاف بالمبادئ، واخلاق عبيد كالرحمة والبر. . مما يتفق وروح اليهودية وتاريخها أن ويمهد لها في الأذهان ويجعلها سابقة على نيتشه . وكذلك روجوا مذاهب التطور وأولوه تأويلات ما خطرت لداروين على بال. واستخدموه في القضاء على الأديان والقوميات والقوانين والفنون مظهرين ان كل شيء بدأ ناقصاً شائها يثير السخرية والاحتقار، ثم تطور. فلا قداسة اذن لدين ولا وطنية ولا قانون ولا فن ولا المقدس من المقدسات، وهم يعبثون بعلوم الاقتصاد والاجتماع ومقارنة الأديان ويسخرونها لمصلحتهم وافساد الآداب والنظم والثقافات والعقول في كل انحاء العالم، ويدسون فيها نظريات مبهرجة لا يفطن إلى زيفها الا الموهوبون ذوو العقول المستقلة. وهم وراء كل زي من أزياء الفكر والعقيدة والملبس والسلوك ما دام لهم في رواجه منفعة، وهم أحرص على ترويجه إذا كان يحقق لهم المنفعة، ويجلب لغيرهم الضرر. ولا تخلو بلد كبيرة من مركز دعاية فكرية تروج لأمثال هذه الأزياء المذهبية والاتجاهات الهدامة. وأخصها في البلاد الديمقراطية كفرنسا. وان ظروفها الخاصة المعاصرة والتاريخية لترشحها أكثر من غيرها لاداء هذه الرسالة المخربة، ومن مقال للأستاذ العقاد على "الوجودية: الجانب المريض منها" قال ما نصه: "ولن تفهم المدارس الحديثة في أوروبا ما لم تفهم هذه الحقيقة التي لا شك فيها. وهي أن اصبعاً من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخف بالقيم الاخلاقية، وترمي إلى هدم القواعد التي يقوم عليها مجتمع الإنسان في جميع الازمان. فاليهودي كارل ماركس وراء الشيوعية التي تهدم قواعد الأخلاق والأديان. واليهودي دركيم وراء علم الاجتماع الذي يلحق نظام الأسرة بالاوضاع المصطنعة. ويحاول أن يبطل آثارها في تطور الفضائل والآداب. واليهودي ـ أو نصف اليهودي ـ سارتر وراء الوجودية التي نشأت معززة لكرامة الفرد فجنح بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة بآفات القنوط والانحلال.
ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية، بل الأزياء الفكرية كلما شاع منها في أوروبا مذهب جديد. ولكن من الشر أن تدرس بعناوينها وظواهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة العارضة والتدبير المقصود "
وقل مثل ذلك في العلامة سيجموند فرويد اليهودي الذي هو من وراء علم النفس يرجع كل الميول والآداب الدينية والخلقية والفنية والصوفية والأسرية إلى الغريزة الجنسية، كي يبطل قداستها، ويخجل الإنسان منها ويزهده فيها، ويسلب الإنسان إيمانه بسهوهاً ما دامت راجعة إلى أدنى ما يرى في نفسه وبهذا تخط في نظره صلاته بأسرته نظره صلاته بأسرته ومجتمعه والكون وما وراءه. ولو جعل الأستاذ فرويد الغريزة الوالدية (الأبوة والأمومة) هي المرجع لكان أبعد من الشطط والشناعة وأدنى إلى القصد والسداد.
وقل مثل ذلك في علم مقارنة الأديان التي يحاول اليهود بدراسة تطورها ومقارنة بعض أطوارها ببعض. ومقارنتها بمثلها في غيرها أن يمحو قداستها ويظهروا الأنبياء مظهر الدجالين.
وكذلك حركة الاستشراق التي تقوم على بعث الكتب القديمة. فهي في العربية تزحم مكاتبنا بأتفه الكتب التي لا تفيد علماً، ولا تؤدب خلقاً، ولا تهذب عقلاً، فكأنما تؤسس المكاتب لتكون متاحف لحفظ هذه الموميات الخالية من الحياة.
والتي لا يمكن ان تحيي عقلاً أو قلباً أو ذوقاً. لا. بل هي تغري الإنسان ـ لتفاهة محتوياتها وكثرتها وتفككها ـ بالنفور منها إذا كان سليم الطبع والعقل. أو تحمله على التمسك بتفاهاتها فتورثه الغرور والغباء والكبرياء. وكذلك يروج اليهود كل المعارف التافهة والشهوانية والإلحادية فينا وفي غيرنا الآن .
وليلاحظ أنه من الغباء القول بأن اليهود هم القائمون بكل هذه الحركات السياسية والفكرية والاقتصادية، فبعضها من عملهم وعمل صنائعهم، وبعضاً من عمل غيرهم انسانياً أو طبيعياً. ولكنهم هم كالملاح الماهر ينتفع لتسيير سفينته بكل تيار وكل ريح مهما يكن اتجاهه، ويسخره لمصلحته سواء كان موافقاً أو معاكساً له.